الحكمة من قراءة سورة الكهف كل جمعة
دائما نقرأ سورة الكهف بتشجيع من أهلنا ومعلمينا ، ولكن مع الأسف قد يجهل البعضالحكمة من قرأة هذه السورة.. كل القرآن خير وبركة ، لأنه كلام الله المنزل علىعبده محمد صلى الله عليه وسلم ، وهي معجزته الخالدة ، وكما قال الرسول عليه أفضلالصلاة والسلام "خياركم من تعلم القرآن وعلمه" وحتى تتعلم أكثر علينا أننفهم محكم آيته ..
سورة الكهف من السورة المكية وهي إحدى خمس سورة بدأت بــ { الحمد لله } - (الفاتحة، الأنعام ، الكهف ، سبأ ، فاطر) - وهذه السورة ذكرت أربع قصص قرآنية هي أهل الكهف، صاحب الجنتين ، موسى ، والخضر وذو القرنين. ولهذه السورة فضل كما قال النبي:" من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنانالسماء ". وقال:" من أدرك منكم الدجال فقرأ عليه فواتح سورة الكهف كانتله عصمة من الدجّال ". والأحاديث في فضلها كثيرة وقصص سورة الكهف الأربعةيربطها محور واحد وهو أنها تجمع الفتن الأربعة في الحياة: فتنة الدين (قصة أهلالكهف) ، فتنة السلطة (صاحب الجنتين) ، فتنة العلم (موسى ، والخضر) ، وفتنة السلطة(ذو القرنين (
وهذه الفتن شديدة على الناس والمحرك الرئيسي لها هو الشيطان الذي يزيّن هذه الفتنولذا جاءت الآية (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُواإِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِأَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّبِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) آية 50 وقد جاء في الحديث الشريف: " ما بينخلق آدم وقيام الساعة ما من فتنة أعظم من الدجال " وكان الرسول يستعيذ فيصلاته من أربع منها فتنة المسيح الدجال. وقصص سورة الكهف كل تتحدث عن إحدى هذهالفتن ثم يأتي بعده تعقيب بالعصمة من الفتن : 1- فتنة الدين: قصة الفتية الذينهربوا بدينهم من الملك الظالم فآووا إلى الكهف حيث حدثت لهم معجزة إبقائهم فيهثلاثمئة سنة وازدادوا تسعا وكانت القرية قد أصبحت كلها على التوحيد. ثم تأتي آياتتشير إلى كيفية العصمة من هذه الفتنة (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَيَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُعَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْأَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا* وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنيَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُوَسَاءتْ مُرْتَفَقً) آية 28 – 29. فالعصمة من فتنة الدين تكون بالصحبة الصالحةوتذكر الآخرة .
2 - فتنة السلطة : قصة صاحب الجنتين الذي آتاه الله كل شيء فكفر بأنعم الله وأنكرالبعث فأهلك الله تعالى الجنتين. ثم تأتي العصمة من هذه الفتنة (وَاضْرِبْ لَهُممَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَبِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُعَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِالدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌأَمَلًا) آية 45 و46. والعصمة من فتنة المال تكون في فهم حقيقة الدنيا وتذكرالآخرة .
3- فتنة العلم: قصة موسى مع الخضر وكان موسى ظنّ أنه أعلم أهل الأرض فأوحى له اللهتعالى بأن هناك من هو أعلم منه فذهب للقائه والتعلم منه فلم يصبر على ما فعلهالخضر لأنه لم يفهم الحكمة في أفعاله وإنما أخذ بظاهرها فقط. وتأتي آية العصمة منهذه الفتنة (قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَأَمْرًا) آية 69. والعصمة من فتنة العلم هي التواضع وعدم الغرور بالعلم .
4- فتنة السلطة : قصة ذو القرنين الذي كان ملكاً عادلاً يمتلك العلم وينتقل منمشرق الأرض إلى مغربها عين الناس ويدعو إلى الله وينشر الخير حتى وصل لقوم خائفينمن هجوم يأجوج ومأجوج فأعانهم على بناء سد لمنعهم عنهم وما زال السدّ قائماً إلىيومنا هذا. وتأتي آية العصمة (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَأَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) آية 103 و104. فالعصمة من فتنة السلطةهي الإخلاص لله في الإعمال وتذكر الآخرة .
ختام السورة: العصمة من الفتن: آخر آية من سورة الكهف تركّز على العصمة الكاملة منالفتن بتذكر اليوم الآخرة (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّأَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِفَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) آية110 فعلينا أن نعمل عملاً صالحاً صحيحاً ومخلصاً لله حتى يَقبل ، والنجاة من الفتنإنتظار لقاء الله تعالى
وصلّ الله على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم