۞ ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَـٰوَٲتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ مَثَلُ نُورِهِۦ كَمِشۡكَوٰةٍ۬ فِيہَا مِصۡبَاحٌۖ ٱلۡمِصۡبَاحُ فِى زُجَاجَةٍۖ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّہَا كَوۡكَبٌ۬ دُرِّىٌّ۬ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ۬ مُّبَـٰرَڪَةٍ۬ زَيۡتُونَةٍ۬ لَّا شَرۡقِيَّةٍ۬ وَلَا غَرۡبِيَّةٍ۬ يَكَادُ زَيۡتُہَا يُضِىٓءُ وَلَوۡ لَمۡ تَمۡسَسۡهُ نَارٌ۬ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ۬ۗ يَہۡدِى ٱللَّهُ لِنُورِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَـٰلَ لِلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَىۡءٍ عَلِيمٌ۬ (٣٥) فِى بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡڪَرَ فِيہَا ٱسۡمُهُ ۥ يُسَبِّحُ لَهُ ۥ فِيہَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأَصَالِ (٣٦) رِجَالٌ۬ لَّا تُلۡهِيہِمۡ تِجَـٰرَةٌ۬ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِۙ يَخَافُونَ يَوۡمً۬ا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَـٰرُ (٣٧) لِيَجۡزِيَہُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٍ۬ (٣٨). النور
يا الله أين النور وكيف ألتمس هذا النور وكيف أتعرف لهذا النورفيرشدك إليه جلّ شأنه (في بيوت ) ليست في شوارع وليست في دواوين وليست في مقاهي. أرشد الله إلى ثلاث بيئات تنور قلبك ، وعندما نخرج نعيش هذه البيئات: بيئة مكانية وبيئة أعمال وبيئة إجتماعية.
الله عز وجل قال في بيوت )ولم يقل في مساجد لأن أول بيئة يعيشها المسلم تذكره بالله هي بيئة البيوت ثم بيئة المساجد . قال ابن عباس رضي الله عنه في بيوت) هي بيوت المسلمين ومساجدهم.إذا دخلت المسجد تذكرت الله وإذا دخلت بيت مسلم فهو بيئة كاملة وهكذا عندما دخل الناس في الدين أفواجاً بل عشرات الألوف بعثهم الرسول صلى الله عليه وسلم جماعات إلى بيوت المدينة.وكان آخر دعاء لسيدنا نوح عليه السلام رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا )،فأول مراكز دعوية هي بيوت المسلمين.
يقول الله عز وجل على لسان أهل الجنة (إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين) ليس في مساجدنا مشفقين بل في أهلنا.فقد كون الصحابي بيئة في أهله يذكّر أهله وأهله يذكّرونه ليس يغفّل أهله وأهله يغفّلونه .( في أهلنا مشفقين) ولكن نحن في أهلنا ضحّاكين في أهلنا مزّاحين تريد الصلاة إذهب للمسجد تريد تتعلم أذهب للمدرسة وبذلك فقدنا البيئات في البيوت،فلو وضعت جهازا مسجلا جاسوسا في بيت من بيوت الصحابة فإن كل ما يقال في بيت الصحابي يصلح للنشر.وهكذا الصحابة عاشو في بيئة الدين وكذلك عندما نخرج نعيش أربع وعشرون ساعة لمدة أربعين يوما في بيئة الدين.الصحابة تعلموا أول ما تعلموا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما كيومه فكرٌ كفكره وهمٌّ كهمّه ونحن تعلمنا وضوءاً كوضوءه وهو لا يستغرق دقيقتان لكننا لم نتعلم يوم كيومه.
(في بيوت) ثلاثة عشرة سنة والبيئة بيوت المسلمين. سيدنا عمر رضي الله عنه عندما سمع أن أخته أسلمت أتى لبيتها لقتل زوجها فلو وجد غناءً لغنّى معهم ولكن حال دخوله البيت تأثر بالبيئة فأخته تقرأ القرآن فلقد كانت أعمال الدين في البيت.
عندما نزلت (واذكر ربك) ليس معناها أنهم كانوا في غفلة بل كانوا في ذكر ولكن تحثهم الآية على زيادة الذكر.(في بيوت) فكل بيت فيه حلقة التعليم وهكذا البيت يعطي للأمة فأحاديث كثيرة عن عائشة عن رسول الله فعطاء البيت مثل عطاء المسجد وأعمال البيت مثل أعمال المسجد فالبيت فيه الأعمال الكاملة كما في المسجد أما بيوتنا فلا تستطيع أن تقوم بأعمال الدين خمسة دقائق فصار البيت خنجر في ظهر المسجد فعلينا أن نخرج لنصلح بيوتنا ولو بالتدريج. وهكذا أول بيئة كانت بيوت المسلمين، نزل جبريل والرسول في بيت خديجة فالرسول يذاكر خديجة وبعد ذلك تنتقل المذاكرة إلى بيوت المسلمين.وبعد أربعة عشرة سنة انتقلت نسخة من الأعمال إلى المسجد فأصبحت أعمال المسجد، ونفس هذه الاعمال في البيت فعندما يسمع الصحابي أعمال المسجد ينقلها إلى أهله في البيت. في المسجد ذكر في البيت ذكر،(واذكرن ما يتلى في بيوتكن) وهكذا 124 ألف بيت هي 124 ألف مدرسة .وهكذا بيئة البيت وبيئة المسجد تجعل المسلم يمشي في المجتمع ولا يتأثر فصُنع المسلم في مساجد المسلمين وبيوت المسلمين.فالسيارة مثلا تصنع في مكان صغير ولكن تستخدم في كل العالم وهكذا المسلم يربى في البيت والمسجد ولكن مشى للعالم أجمع وهكذا مصنع الرجال البيت والمسجد .فهذه البيئات تعلم على الإنضباط فليس مكتوب فيها ممنوع التدخين ولكن لا أحد يدخّن وليس فيها غيبة ولا فيها معصية.هكذا عاش المسلم في بيته 4 أعمال وفي المسجد 4 أعمال فتنور المجتمع كله.
(في بيوت أذن الله أن ترفع) فالرفع ليس ماديا فبناء من 70 دوراً لا يساوي شيئا ولكن خيمة أو بيت صغير يُذكر الله فيه تراه الملائكة كما ترى النجم وهذا ثابت في الحديث أن الملائكه تترآأى البيوت التي فيها ذكر الله كما تتراؤون الكوكب الذري.إذن الرفعة صفة للأعمال وليست صفة للأحجار.
(يذكر فيها أسمه)فكل الاعمال ذكر لله.وهكذا نحن خارجون في البيئة المكانية وهو المسجد يحفظك من الشر ويحفظك من سماع الغيبة والنميمة، هذه البيئة هي بيئة الأعمال، وما هي الأعمال؟ أعمال الدعوة وهي متنوعة :زيارات، تعليم وتعلم، مذاكرات، قيام الليل ، ذكر، يومياً نتجالس في الله، (أين المتحابون فيّ، أين المتباذلون فيّ) و(من زار أخ له في الله ناداه مناد من السماء أن طبت وطاب ممشاك ) فهذه بيئة الأعمال تتكون في الخروج.
والبيئة الثالثة بيئة الأشخاص(رجال) فهذا تقي وذاك تقي في المسجد وعندما يمشي في الشارع فهو غاض النظر عن المحرمات وفي الليل تراه قائما لله، وهكذا تكونت البيئة الإجتماعية.
وهكذا في البيئة المكانية وبيئة الأعمال نجلس فيها ونتعلم وبعدها ننطلق إلى المجتمع إلى الشوارع تؤثر ولا تتأثر فتمشي إلى بيئات الغفلة وأنت سيد الموقف تُسمعهم ولا تسمع منهم، ولكن لو كنت غير ذلك فسوف تسمع منهم ولا يسمعوا منك فإن لم تكن لساناً كنت أُذناً.
وهكذا الآية الكريمة ( الله نور السماوات والأرض) يارب أين نلتمس هذا النور (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه) أي بيئة الأعمال (يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال) في البيت الكل يعين بعضهم بعضاً على التقوى وفي المسجد البيئة أقوى،عندها ينطلق إلى الشارع ولا يتأثر وهكذا بيئة بيت وبيئة مسجد فبيئة المسجد كمستشفى عام وبيئة البيت كمستشفى خاص،وهكذا حظ نساء الصحابة أنهن كن يأتين المسجد ليسمعن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن حظ عائشة رضي الله عنها أوفر (فالأحاديث عن عائشة عن رسول الله )فعناية الرسول بعائشة أكبر وهو القائل (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)فالبيت سرك والمسجد علانيتك ولا بد أن يكون لك بيئتان محميتان من الشر فلا يدخل الشر بيتك ولا يدخل مسجدك فإن أتيت إلى البيت حُفظت وإن أتيت إلى المسجد حُفظت أيضاً.